اللعنة

أعترف بتقصيري في الكتابة .. أعترف بتقصيري في حق من تابعتهم وتابعوني لسنوات .. ولكن عن أي شئ أكتب وقد بلغ العبث والجنون مبلغه ؟؟ سوف تكون الكتابات مجرد خواطر مشتركة مع الآخرين ممن نحسبهم لا يزالون يحتفظون بأخلاقهم ومبادئهم وتلك الكتابات لن تغير واقعاً مريراً مجنوناً بمعنى الكلمة فالجنون والعبث هما الصفتان السائدتان في هذه البلد منذ أن غادرت صفات المنطق والعدل والرحمة بلا رجعة وأتمنى أن اكون مخطئاً في ذلك

منذ آخر مرة توقفت عن الكتابة، جرى ما جرى في بلدنا وفي أخلاقنا حيث لم يعد هناك إلا الصوت العالي وتبرير الخطأ بخطأ أبشع منه ولم يعد هناك أي وضوح لأي رؤية أيا كانت مع ظهور نوع جديد من الشعوب أصبح يرى المنكر ولا ينكره بل يتغنى بالخطأ ويستمتع بالدم حتى زالت من قلبه هيبة الموت وخشية الظلم

لم أندهش من عودة مهرجان البراءة للجميع حتى مساء أمس ببراءة وزير داخلية مبارك، ولم أفزع عندما صدرت الأحكام سريعاً بحق من قتلوا كلباً (مع الاحترام الكامل لخلق الله أجمعين وقدسية أرواحهم التي هى من روح الله) ولم يصدر حتى الآن أي حكم من  أي نوع بحق من أزهقوا أرواح عشرات ومئات البشر في هذه البلد منذ أكثر من ثلاثة أعوام، وأنما اندهشت وفزعت من رد الفعل اللامبالي للشعب الذي من المفترض أنه (متدين بطبعه) ويقدس الحياة منذ الفراعنة ويحترم ويهاب الموت منذ الفتح الاسلامي

منذ فترة ليست بالقصيرة، تولد لدي شعور داخلي أننا في لعنة وأن كل ما يحدث هو علامات هذه اللعنة وبالصدفة وجدت آخرين يفصحون صراحة عن نفس شعوري الداخلي بعيداً عن أي تبرير بأن ما يحدث بسبب فئة ضالة أو شباب متهور أو أعداء للشعب والوطن

هل تتفقون معي أننا ملعونون ؟؟

نظرية السمكة الميتة


نظرية السمكة الميتى تنطبق بإمتياز علينا جميعاً ولا أستثني أحداً حتى أنا .. فالسمكة الميتة تسبح مع التيار لأنها ميتة لا إرادة لها ولا مقاومة في بدنها الساكن بلا حراك

جميعنا نتحرك مع التيار وكل يسبح مع التيار الذي يوافق هواه .. ولا تصدق من يخبرك بأنه ذو رأي مختلف ولا يسير مع القطيع .. فببحث بسيط سيتضح لك أنه يتبع تيار ما وقطيع ما وإن قل عدده أو لم تكن تعرف عنه شيئاً من قبل

هناك فرق كبير بين الانتماء وبين اتباع القطيع أو التيار ذاته .. فالانتماء هو أكبر وأعم من السير مع التيار .. أنت مصري وتنتمي لمصر وطنك وبلدك ولكنك تسبح مع التيار الأخواني أو السيسي أو الذي بينهما ممن يطلق على نفسه المعتدل أو أنصار الشرعية

التذهب والتعصب أضاع شعوباً وقبائل عديدة من قبل .. أسأل الله ألا نكون مثلهم .. قولوا آمين

رد الفعل والرد عليه

درسنا أن لكل فعل رد فعل (مساوي) له في المقدار و(مضاد) له في الإتجاه .. هكذا يعرف العالم كله نظرية رد الفعل .. ولكن في وطننا الذي يتلاعب بمصيره حفنة من (المتجبرين والطغاة) يصرون على تطبيق نظرية رد الفعل بطريقتهم الخاصة حيث قد وضعوا أساسا جديدا لها وهو : لكل فعل رد مضاد له في الاتجاه ولكن يفوقه بكثير جدا في المقدار

بالأمس صدر حكم القضاء المصري (الشامخ) بحق من تتم محاكمتهم بتهمة التعدي على أقسام الشرطة في محافظة المنيا إبان فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، أتفق تماماً أن هناك عنفاً قد وقع والحوادث كثيرة والدلائل أكثر ولكن عندما نغيب العقل بهذه الطريقة ونصدر الانتقام الأعمى بهذا الأسلوب فنحن نعيش في غابة وليس في دولة  من المفترض أن هناك قانوناً يحكمها

رد الفعل من مؤيدي الانتقام جاء أن من يتعاطف مع المحكوم عليهم عليه أن يتوب ويراجع نفسه ويراجع بنفسه الصور وافلام الفيديو التي توثق عنف المتهمين وأفعالهم الشنيعة التي كدرت الأمن العام (وكأن الأمن كان موجودا بالأساس حتى يتم تكديره) .. الخ الخ ولا أعترض على هؤلاء ولكن اعترض على تغييب العقل .. العقل والمنطق يا سادة يا كرام

رد الفعل من مؤيدى الانتقام ضد من علقوا على هذه المحاكمة وما جاء بها من أحكم قضائية خارج مصر يدل على كم الجهل والتكبر الذي يحكم عقول هذا الشعب، فتارة يقولون أن من علقوا (منهم السكرتير العام للأمم المتحدة، رئيس وزراء السويد، أردوغان بالطبع، البيت الأبيض في بيان رسمي، وكالات أنباء عالمية عن شخصيات سياسية عالمية) لا يفهمون شيئاً في القانون لأنه حكم ابتدائي يجوز الطعن عليه .. أو ردود أشبه (بالردح) ملخصها : خليكو في حالكو ..  بالله عليكم هل هذا رد يمكن قرائته وتقبله من أناس يفكرون بهذا الأسلوب ؟؟

قلتها مراراً وتكراراً .. يحكمنا حفنة من الأوغاد لا يهمهم سوى الكرسي ولا يعبأون بأنهار الدماء التي تجري تحت هذا الكرسي .. كل ما يهمهم هو السلطة وليذهب الشعب إلى الجحيم طالما الغاية تبرر الوسيلة .. حسبنا الله ونعم الوكيل