حنين


ساقتنى قدماى نحو بيت جدتى القديم ... حيث الشارع الوافراﻷشجار الكثيفة على الجانبين ... هنا المسجد القديم الذى اعتدنا - انا واوﻻد اخوالى وخاﻻتى - أن نصلى فيه والذى كان رائعا بالنسبة ﻷطفال فى عمرنا حيث يقوم الأمام بتوزيع الحلوى على الاطفال الذى ﻻ يثيرون اية جلبة أو - شقاوة - أثناء الصلاة ... بعد المسجد بخطوات كان قديما يوجد هنا مطعم فول وفلافل الشهير بمطعم - زغلول - صاحبه والذى اعتدنا رؤيته يعمل على اوانى الفول والفلافل بالزى التقليدى للجيش المطعم ببقع الزيت وبقايا عجينة الفلافل والزى دائما يرتديه ولا يقوم بتبديله أبدا حتى أنك لتشك انه قد ولد به من سنين

بجوار المطعم كان يوجد بائع الحلوى - العم أبو طارق - الذى كان شديد اللهجة غليظ الوجه و اللسان حتى مع الاطفال الذين فى عمرنا والذى عرفته فيما بعد أن تلك الشدة والغلظة انما اكتسبها من طبيعة عمله بالجيش فترة طويلة جدا

قمت بالعبور للضفة الاخرى من الطريق فاذا انا امام - العم كرم - الحاتى أو - الكبابجى - ذلك الرجل الطيب بشوش الوجه أبيض الجلباب دائما كأنه يجلس به فى بيته ليس فى محل يعج بقطع اللحم وزيوت الشواء والطبخ ... العم كرم يقع محله اسفل الشرفة الصغيرة فى شقة جدتى .. كم من الليالى قضيناها صغارا فى الشرفة نتأمل الزبائن الذين يعج بهم المحل .. وكم من المرات قمنا بشراء الارغفة الطازجة عن طريق - سبت الشارع - الذى تستخدمه جدتى لشراء ما تريد من البائعين المارين بالشارع دون الطلوع او النزول

بجوار باب البيت هناك بائع الفاكهة - العم صابر - المكان كما هو بنفس الديكورات و الالوان ولكن مع اختلاف عميق ... العم صابر لا يجلس امام بضاعته وانما زوجته هى التى تجلس لأنه ببساطة رحل عن دنيانا من سنين

دخلت باب البيت .. كان بابا من الحديد المشغول بحرفية الصناع المهرة القدامى .. استبدل حديثا بواحد جديد آخر يخلو من اية فنون وان كان براقا زاهى الطلعة ... صعدت السلم وعلى السلم اختفت الرسوم القديمة التى كانت تصور رحلة الحج التى قام بها احد الجيران منذ سنين كثيرة جدا وكانت من بين الرسوم رسم رائع بالغ الدقة والجمال يصور امرأة كبيرة فى السن تجلس على سجادة الصلاة ويديها مرفوعتان بالدعاء الى الله كنا صغارا مقتنعين لدرجة الترديد العلنى بأن ذلك الرسم هو لجدتنا الطيبة بينما كانت تضحك جدا عندما تسمعنا تقول ذلك وتردد بأن الله كريم ولن يحرمها من زيارة بيته الحرام

وصلت الى باب الشقة .. كما هو لم يتغير فيه شئ .. باب من قطعتين وجرس قديم له نفس النغمة المميزة .. لم تكن جدتى بالداخل ولم تكن تجلس على سجادة الصلاة كما كنا نراها على الحائط المرافق للسلم وانما كانت هناك فراغات كثيرة واناس يبتسمون ويتكلمون وانا مع الاولاد نمرح هنا وهناك وجدتى تقف فى المطبخ مبتسمة لانها تصنع لنا الحلوى التى نحبها

8 comments:

أنا - الريس said...

ما أجمل الذكريات .. وأحلاه .. كل حركة تشعرك أنك طفل .. وأنت تقوم بها في الكبر ..
تحياتي لك ولذكرياتك ..

وانتي جوعتني بالكبابجي الطيب .. مليش دعوة أنا عايز كباب ..

بقي سلم لي علي كل أحبابك .. وتحياتي مرة تانية

Foxology said...

MR.PRESIDENT

الذكريات بتبقى جميلة جدااا خصوصا لما تتعلق بايام الطفولة البريئة الخالية من منغصات الحياة :)

حاضر يا سيدى تعالى انت بس وملكش دعوة :))

تحياتى ليك وشكرا لمرورك وتعليقك

الازهرى said...

كلما مرت علينا الأيام وأخذتننا الحياة فى دروبها العميقة اشتقنا أن نجلس بين ذكرياتنا عن أيام بعيدة ومفردات لن تمحى أبدا

الحنين إلى أيام البراءة مغروس فى داخلنا ويشتد كلما ضاقت بنا الحياة


تحياتى دوما

Foxology said...

الازهرى

الخوف ان نظل حبيسى الذكريات التى مضت ولا يمكن ان تتجدد مهما حاولنا :)

تحياتى وشكرا لمرورك وتعليقك

الميكروباص said...

أجمل شيء في الدنيا انك تذهب لمكان كنت عايش فيه أو تزوره ومن سنين طويله لم تراه

Foxology said...

لورنس العرب

جميل جدا طبعا والاجمل ان الذكريات تكون لسة عايشة سواء الاحداث بتتكرر او الاشخاص لسة موجودين

شكرا لمرورك وتعليقك

Eno said...

اكيد مافيش اجمل من ايام الطفولة في حياة كل حد فينا
واكيد الحنين ليها بيخلينا نحس اني ايامها كنا عايشين في الجنة مش حملين اي ه لاي حاجه :)

جميل اوي البوست يافوكس:)

Foxology said...

Eno

اكيد طبعا بيبقى الواحد عايش اجمل ايام حياته كفاية عدم تحمل المسؤلية تجاه اى شئ

شكرا لمرورك وتعليقك الاجمل من البوست نفسها :)